النرجيلةُ..متعةٌ أم هروبٌ من الواقع؟ - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


النرجيلةُ..متعةٌ أم هروبٌ من الواقع؟
عصام محمود - 23\12\2010
عادة تدخين النرجيلة من أقدم العادات التركية منذ 500 عام , والنرجيلة الأصلية أتت من الهند ولكنها كانت بدائية حيث كانت مصنوعة من قشور جوز الهند, وانتشرت في إيران ومن ثم إلى العالم العربي . وها قد وصلت منذ عدة سنين إلى الجولان المتعطش لكل شيء جديد ومستوى حب الاستطلاع فيه من أعلى المستويات, تجربة أي شيء جديد على عِلّاتهِ تحتل مكانة مهمة من حياتنا اليومية .البعض يقول أن فيها متعة لا تقاوم , والبعض الآخر يدعي أن مجالسة الأصحاب في جو يعبق بدخانها وسماع الأغاني الطربية أفضل طريقة لقضاء الوقت .
ولكن في حقيقة الأمر فإن من يعرف ماذا يحدث للجسم بسبب هذه التسلية, ينسى هذه المتعة , ويلعن تلك المجالسة وتلك الطريقة لقضاء الوقت.
فعندما نستنشق الدخان المرفق بالنيكوتين يدخل الرئة وبدورها تقوم بتكرير الهواء وتمريره إلى الدم بدلاً من الأكسجين , فيسير في دمائنا مؤثراً على الجهاز العصبي الذي يُدمن على وجوده وبالتالي يؤدي النيكوتين إلى التخدير. هكذا وبهذه الطريقة تدمن أعصابنا على طلب النيكوتين الذي يصل إلى القلب الذي يتأثر به لأنه يُضعف وصول الدم النقي إليه,فتضعف عضلة القلب وهكذا يتعرض المدخن إلى نوبات أو أمراض قلبية أو ربما لأشياء أخطر من ذلك بكثير.
وثمة اعتقاد سائد أن النرجيلة أقل خطراً من التدخين, وذلك بسبب ترشيح الماء للمواد السامة الموجودة فيها , ولكن هذه المعلومة غير دقيقة ,فالماء يخفف قليلاً من تأثير هذه المواد ويمتص الجسم غاز أول أكسيد الكربون السام الناتج عن احتراق الفحم, وأيضاً مواد سامه أخرى مثل الزرنيخ والنيكل والرصاص والكروم بكثافة عاليه.
وهذه المواد تدمّر وظائف الرئة وتسهّل إصابتها بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية , هذا عدا عن الأمراض المُعدية الناتجة عن المشاركة في تدخين النرجيلة مع الآخرين من نفس الأنبوبة.
ولا تخفف النكهات العديدة التي يحتوي عليها المُعسِّل من تأثير تلك السموم,بل أنها تزيد الطين بله, فيحتوي المُعسِّل على دبس السكر وهو السائل الذي يتبقى بعد تكرير السكر مضافاً إليه مُنكّهات ومواد حافظه ليس لها أي قيمة غذائية بل العكس تماماً,فأنواع السكر المختلفة تُضيّع الطعم المر للتبغ وتجعل التدخين أكثر إمتاعاً, لكن حرق السكر يُنتج ماده مسببه للسرطان ومُضرّه بالغشاء المخاطي.والأخطر من ذلك كله استبدال ماء النرجيلة بالكحول عند البعض فهذا يجعل التدخين ممتعاً أكثر ويمكن أن يدوم لوقت أطول,وبالتالي يتضاعف تأثير هذه المواد ولا أحد يدرك مدى خطورة استنشاقها.
ومن الغريب أنه وبالرغم من معرفة الكثير منا لهذه الحقائق,ما زال عدد كبير من الشباب يتردد إلى المقاهي والمطاعم ويقضي ساعات عديدة في جو مليء بالدخان ,وقد أصبح المطعم أو المقهى أشبه بنفق تمر به السيارات مُخلفةً وراءَها الغازات السامة فيستنشقها جميع من في المكان بصدر رحب ورئتين مفتوحتين.
هكذا وفي جو يسوده مزيجٌ من المرح والسذاجة يجلس الكثير من الشباب في حالة من الغيبوبة دون إدراك لما يحدث من حولهم ,وما تبقى من دخان النرجيلة الذي لم يدخل جسمهم يتغلغل في ثيابهم وشعرهم وكل مكان ممكن,أما صاحب المكان فلا يحرّك ساكناً, كيف لا فالمهم عنده أن يمتلئ صندوقه بالأموال دون مراعاة مصلحة وصحة الزبائن ,وهو غير مُلام طالما هم يأتونَ إليه بإرادتهم,تاركينَ وراءهم همومهم البيتية وتربية أولادهم إلى وقت آخر ربما سيأتي وربما لن يأتي أبداً ,فالمهم عندهم أنهم يتمتعون برفقة النرجيلة ويأنسون بصحبة من يتفقون معهم بالرأي.